حرب المضيبي
كانت الحرب بسبب التنافس بينهم في أموال الخضراء (النخيل) بقرية الزاهب الواقعة في الجانب الغربي الحدري من المضيبي،
فكانت الشرارة التي أضرمت نار الحرب بين الغساسنة (وهم من غسّان بن عمرو بن مازن بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ) وبنو سعيد
وبنو ثاني من جهة ، والجوابر (من ذبيان بن غطفان) وآل شبيب من جهة (شبيب بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر (ماء السماء) بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ) "وجميع هؤلاء احلاف الحبوس"، حيث استولى فريق منهم على جزء من أموال بالزاهب في الوقت الذي كان هناك عهد متفق عليه على تقسيم البلدان فيما بينهم.
ويروى أنهم كانوا في سوقهم عصر يوم السبت الموافق الخامس من شعبان سنة 1322 هـ\ 15 أكتوبر 1904 م، وقد امتلآت قلوبهم بغضا وحنقا،
وكثر بينهم النزاع والخصام، وكانوا يتحينون الفرصة للانقضاض على بعضهم البعض، ولم تبق الا الشرارة التي تشعل فتيل الحرب، فحصل أن أحد رواد
السوق كان يجرب سلاحه بعد أن استلمه من عند من أصلحه ، فضغط على الزناد يحسب أنه غير محشو برصاصة، وإذا برمية تنطلق من التفق، فلما
سُمع صوت النقع ظن الفريقان أن اعتداء وقع من فريق على آخر، فطاشت العقول، وتعالت اصوات البنادق، كل يفتك بالفريق الاخر، وأسفرت
تلك الواقعة عن سقوط 18 قتيلا.
ومنذ بداية الحرب سعى الدعاة والعلماء للقضاء على هذي الفتنة العمياء، وقد قام الشيخ سلطان بن محمد الحبسي بدور كبير لوقف الحرب بين المتحاربين.
حيث أن الشيخ سلطان تربطه بالجوابرعلاقة مصاهرة، فإحدى بناته واسمها مياهي زوج أحمد بن محمد بن ناصر الجابري، ابن عم الشيخ سلطان بن سيف بن ناصر الجابري مرجع الجوابر آنئذ، فسعى بينهم لرأب الصدع واجتماع الكلمة، ولكن اللاسف لم تثمر مساعيه الحميدة النتائج المامولة، كما قام غيره من أهل الفضل بالمضيبي بهذه المهمة.
وممن سعى لصلح الشيخ نور الدين السالمي والشيخ عيسى بن صالح الحارثي الذي سعى جادهًا للصلح، ولكنهم ل يعبأو به، يُذكر أنه أقبل إلى المضيبي أكثر
من مرة لأجل الصلح بين أهلها، فلا يلبث ذلك الصلح، إلا أن يُنقض، وفي إحدى المرات أبرم صلحا فما إن وصل الفتح حتى سمع النقع مؤذنا بخرق الصلح ونقضه،
ذلك رأى الأخيار والعارفون أن يعتزلو هذا الشر، فلا يشتركون فيه أبدا من قريب ولا من بعيد.
وأبرز من اعتزل هذه الفتنة الشيخ سلطان بن محمد الحبسي الذي انتقل إلى الشارق معتزلا هذه هذه الفتنة بعد أن بذل كل ما
يستطيعه من أجل توقفها، كذلك الشيخ محمد بن سعيد بن خلفان الجابري.
ولقد ظلت هذه الفتنة العمياء تفري المضيبي سبع سنوات، فكانت سبع عجاف بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، حتى أذن الله بالفج وكشف الغمة.
بعد محاولات المصلحين أخيرا الإبرام الصلح في يوم الثلاثين من شهر ربيع الأول من سنة 1329 هـ\ 30 مارس 1911 م.
وقاد هذه الصلح الشيخ عيسى بن صالح الحارثي.
وكان نص الصلح هو ( بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فلما كان في يوم الثلاين من شهر ربيع الأول من سنة 1329 هـ اصطلح الحال بين الخصمين:
علي بن احمد بن رشيد وجماعته الغساسنة وبني ثاني ومن تعلق بهم، وبين سلطان بن سيف بن ناصر الجابري وحمود بن راشد بن سويف الشبيبي على هدم
الماضي من الدماء والأموال، فأبرأ علي بن أحمد الجوابر وأهل شبيب بتفويض من جماعته من تلك الدماء والأموال، وأبرأ سلطان وحمود بن علي بن أحمد
وجماعته من تلك الدماء والأموال، وعلى أن يرجعوا في سوقهم الول على حسب العادة، وعلى أن يرجعوا فيما يحدث من الأحداث إلى الشرع الشريف،
وعلى أن لا يحملوا السلاح والصمع في السوق، وعلى أن ترد المظالم إلى أهلها، وعلى ألا يوقف السوق إلا بنظر الجباة، وعلى أن لا يخالفوا أحدا
إلا مظلوما أو ملهوفا، فمن ضيع شيئا من هذه الشروط فقد هدم ما أوفى به).
المصدر (كتاب تاريخ المضيبي , لرحلة في سبعين عاما ( 1308 هـ – 1378 هـ ))